[quote="wissem"][/quoteيحيى بن موسى الزهراني
إمام الجامع الكبير بتبوك
بسم الله الرحمن الرحيم
فقبل الشروع في حق النبي r على أمته ، يحسن بنا أن نتطرق إلى بعض الأمور التي قد يغفل عنها كثير من المسلمين ، وهي مما يتعلق به عليه الصلاة والسلام ، والتي ينبغي على المكلف معرفتها والاهتمام بها حتى يعرف حق نبيه صلى الله عليه وسلم عليه ومن هذه الأمور :
أولاً : نسبه صلى الله عليه وسلم :
ذكر ذلك بن القيم في زاد المعاد فقال : [ فهو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كِلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركه بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ] ، وقال رحمه الله إلى هاهنا معلوم الصحة متفق عليه بين النسابين ولا خلاف فيه البتة ، ومافوق عدنان مختلف فيه ولاخلاف بينهم أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام ] انتهى .
ثانياً : مولده صلى الله عليه وسلم :
ولد عليه الصلاة والسلام يوم الاثنين الثاني عشر ربيع الأول عام الفيل
قال أبو قتادة الأنصاري : سأل رجل أعرابي رسول الله r فقال : ما تقول في صوم يوم الاثنين ؟ قال : [ ذاك يوم ولدت فيه ، وفيه أوحي إلي ] ( مسلم ) .
وعن قيس بن مخرمة بن عبد المطلب ، قال : ولدت أنا ورسول الله r عام الفيل ] ( الترمذي وإسناده حسن ) انظر سير أعلام النبلاء 1/33 .
ثالثاً : أسمائه صلى الله عليه وسلم :
عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه ، قال : سمعت النبي r يقول : [ إن لي أسماءً : أن محمد ، وأنا أحمد ، وأن الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأن الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأن العاقب ] ( متفق عليه ) ، وجاء أيضاً : [ أن محمد ، وأن أحمد ، وأن الحاشر ، وأنا الماحي ، والختم ، والعاقب ] ( وإسناده قوي ) ، وجاء أيضاً : [ أن أحمد ، ومحمد ، والمقفي ، والحاشر ، ونبي الرحمة ، ونبي الملحمة ] .
وعن أبي موسى الأشعري قال : كان رسول الله r يسمي لنا نفسه أسماءً فقال : [ أنا محمد ، وأحمد ، والحاشر ، والمقفي ، ونبي التوبة ، والملحمة ] ( مسلم ) .
وكنيته r أبا القاسم ، وهذا مما تواتر عليه ، ونهي عليه الصلاة والسلام من التكني بكنيته ، وحث على التسمي باسمه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال أبو القاسم r : [ تسموا باسمي ، ولا تكنوا بكنيتي ] ( متفق عليه ) انظر السير 1/38/39/40 .
رابعاً : بشريته صلى الله عليه وسلم :
فهو r بشر مثل بقية البشر قال تعالى : [ قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً ] ( الإسراء 93) ، وقال تعالى : [ محمد رسول الله .....] ( الفتح29 ) وقال r : (( إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي )) [ متفق عليه ] ، وهي دلالة على أن محمداً r رسول الله إلى الناس كافة بل إلى الثقلين ـ الجن والإنس ـ وقال الله جل وعلا: [ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذين أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى …..] ( الشورى13 ) والمذكورون في هذه الآية هم أولو العزم من الرسل فهم بشر ولكن الله أكرمهم بالرسالة وغفر لهم جميعاً ، وقال الله جل وعلا : [ إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ….] ( آل عمران59 ) ، فهذه الآيات تدل دلالة قاطعة لاشك فيها أن الأنبياء بشر والله هو خالقهم ، ولكنه اصطفاهم برسالاته عن بقية البشر، فلا يُعبدون من دون الله ويحرم الغلو فيهم أو التوسل بهم بعد موتهم ، لأن ذلك من الشرك الأكبر المنافي للتوحيد والمخرج من ملة الإسلام والنبي محمد r من أولئك الأنبياء الذين بعثهم الله عز وجل للعباد مبشرين ومنذرين قال تعالى: [ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ] ( آل عمران144 ) ، فلا يجوز الغلو فيه أو التوسل به بعد موته أو طلب العون أو المدد منه ، فإنه بشر مثل كل البشر فقد قال r : (( سددوا وقاربوا وأبشروا فإنه لن يدخل الجنة أحداً عمله ، قالوا : ولا أنت يارسول الله ، قال : ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله منه برحمة )) [ البخاري ومسلم ] .
فمن ذلك عُلم أن النبي r بشر ولد وعاش ومات ، قال تعالى : [ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أوقتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ] ( آل عمران144 ) ، وقال تعالى : [ إنك ميت وإنهم ميتون ] ( الزمر30 ) ، والخطاب للنبي عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام .
فالواجب على المؤمن أن يؤمن برسالة النبي r ورسالة جميع الأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم ، لأن ذلك ركن من أركان الإيمان ، الذي لو سقط لضعف إيمان المرء معه وقد يهوي إلى الهاوية والعياذ بالله .
خامساً : فضله على جميع الخلائق :
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله r : (( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع )) [ مسلم ] .
وقيل أن السيد : هو الذي يفوق قومه في الخير، وقيل : هو الذي يُفزع إليه في النوائب والشدائد فيقوم بأمرهم ويتحمل عنهم مكارههم ويدفعها عنهم .
وهو r أفضل البشر على الإطلاق ، وهو أفضل الأنبياء والمرسلين وخاتمهم ، قال r: (( مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنياناً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين )) [ مسلم ] ، فهو سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة ، ففي يوم القيامة يظهر سؤدده لكل أحد ولا يبقى منازع ولا معاند له ، بخلاف الدنيا فقد نازعه في سيادته ملوك الكفار وزعماء المشركين ، وقوله r أنا سيد ولد آدم لم يقله فخراً ، بل إنه صرح بنفي الفخر فقال عليه الصلاة والسلام : (( أنا سيد ولد آدم ولا فخر )) [ الترمذي ]